العَـــآم الهِــجريُّ بـِـدَآيَــةٌ وَ نِــــهَــآيَـــة

العَـــآم الهِــجريُّ بـِـدَآيَــةٌ وَ نِــــهَــآيَـــة


الحمد لله العظيم الشكور ، العفو الغفور ، مضاعف الحسناتِ والثوآبِ لمن أطآعهُ والأجور ، وغآفر الذنوب لمن تآب إليهِ من المعآصي

والفجور ، الذي يعلم خآئنة الأعينِ وما تخفي الصّدور ، والذي يرى دبيب النملِ وهو يمشي في الليلةِ الظلمآءِ على الصخور ،

والذي يسمعُ تسبيح الحيتآن وهو يسبّحُ في قآع البحور ، بقدرتهِ تتابعت الأوقآتُ ما بين ظلمآءٍ ونور ، وبرحمتهِ أنقلبت القلوب

من الحزنِ الى السرور ، وبأمرهِ قآمت السمآء والأرض والأفلآكـ بينهمآ تدور ، وهو الله الذي لا إلــه إلا هو بيدهِ وحدهُ يرجع

تصريف الأمور ..


وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وأستاذنا وقآئد نهضتنا محمداً عبدهُ ورسوله سيدُ البوآدي والحضور ، والمنعوت بأحسنِ الصفآتِ في التورآة

والأنجيلِ والقرآن والزبور ..

هاجرتَ يا خيرَ الورى قآطبةً **** من مكةَ بعدما زآد الأذى فيهآ ..

هآجرت لمآ رأيت النآس في ظلمٍ **** وكنتَ بدراً منيراً في دياجيهآ ..

هآجرتَ يآ سيّد الأكوآنِ مُتجهاً **** إلى المدينةٍ دآراً كنتَ تبغيهآ ..

هآجرت للهِ تطوي البيد مصطحباً **** خِلّاً وفيّاً كريمَ النفسِ هَاديهآ ..

يقولُ في الغآرِ لا تحزن لصآحبهِ **** معنآ الله ، مآ أسمى معانيهآ ..

هآ نحن أحبتي في الله نقفُ على طرفِ قنطرةٍ ، نوشك أن نعبرهآ ونتجآوزهآ ، لأن يستقرً بنا الحال على طرفِ قنطرةٍ أخرى بإذن الله ،

فمآ هي إلا خطواتٍ لنغآدر عآماً هجريّاً كآملاً سوف يمضي من بيننآ ، وبخطوآتٍ اخرى سوف نستقبلُ عآماً هجرياً جديداً ،

فنحنُ بين قنطرتين (( نُودع & نستقبل )) ..

نُودعُ عآماً تقضّت ايآمهُ ومضت شهورهُ واودعنآ فيهِ مآشآء الله لنا أن نُودِع ، فخزآئنُ بعضنآ مليئةٌ بما هو لــهُ ، وخزآئن بعضنآ مليئةٌ

بمآ هو عليه ، ومنّآ من في خزآئنهِ ما هو لهُ وعليهِ ..

ونستقبل عآماً جديداً لا ندري ماذا سيُحدثُ الله تعالى لنآ فيهِ ، فأعوام تأتي واعوام ترحل وصدق الله تعآلى إذ يقول :

(( يُقّلب اللهُ الليلَ والنَّهَار . إنّ في ذلكـَ لعبرةً لأولى الأبْصار )) .

وصدق الله إذ يقول : (( يغشي الليلَ النهار يطلبهُ حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ بأمره )) ..

إذن أحبتي نحن في سيرٍ حثيثٍ مع الليل والنّهآر ، ولكن هذا السير الحثيث بالحقيقة (( يُبآعدنآ عن الدنيآ ويُقربنا من الآخرة )) ،

هذا ما يباعدنا عن دار العمل ويُقربنا من دآر الجزآء ،

وصدق سيدنآ الأمام علي " رضي الله عنه وأرضآه " إذ يقول :

(( لقد أقبلت الدنيآ مُدبرة ، ولقد أقبلت الآخرة مقبلة ، ولكلٍّ منهمآ بنون ، فكونوا من أبنآء الآخرة ، ولا تكونوا من أبنآءِ الدنيآ ،
فأن اليوم عملٌ ولا حسآب ، وغداً حسآبٌ ولا عمل )) ..

نعم أحبتي عآمٌ سوف يمضي ويأتي بعدهُ عآم جديد ويمضي العآم الجديد ويأتي غيرهُ وهكذآ هو الحآل ، سنون كثيرة تمر ولكن هذا كله من

أعمارنا ، تمضي بنآ الأيآم وهذا مما يُقصر في آجالنآ ، يدور بنا الليل والنهآر

وهذا مما يسآعد على إنتقآلنا من سعةِ الدنيآ الى ضيق القبور ..

مما يسآعد على إنتقآلنا من الملابس الملونة الى الأكفآن البيضآء ..

مما يسآعد على إنتقآلنا من الحآمل الى المحمول ..

مما يسآعد على إنتقآلنا من القآبر الى المقبور ..

مما يسآعد على إنتقآلنا من الحي الى الميت ..

مما يسآعد على إنتقآلنا من الضيآء الى النور ..

ليش معنا في ذلكــَ الموضع إلا رحمة الله سبحآنه وتعآلى ..

أحبتي في الله : هآهو العآم يقوّض خيآمه ، ويطوي بسآطه ، ويتهيء للرحيل ، وكلنا قد غدا فيهِ ،فبآئعٌ نفسهُ أو معتقهآ أو موبقهآ ،

عآم سوفَ ينقضي بعدَ سآعىتٍ معدودة ، تقضت ايآمه وأنصرمت لياليه ، يحمل بين جنبيهِ حكماً وعظات وعبر ، السعيد من انتبه إليهآ ،

والشقي من تَغآفلَ عنهآ ..

عآمٌ مضى أنظر كم من عبرة ودرس فيه ، كم من أُناسٍ أشقيآء وقد سُعدوا ، وكم من سعداءٍ قد شقو ، وكم من طفلٍ قد تيتمّ ،

وكم من امرأةٍ قد ترملّت ..

عآمُ مضى وهذا البيت قد فرحَ بمولودٍ ، وهذا البيتُ فيه البكآء على المفقود ..

عآمُ مضى وهؤلاء يٌشيّعونَ ميتهم ، وهؤلاء يزفونَ عروسهم ..

عآمُ مضى وهذا البيت فيه دموعٌ وعبرآت من فرحة اللقآء ، وهذا البيت فيه دموعٌ وعبرآت من لوعة الفرآق ..

كل شيء يتغير في هذه الحيآة ، لكن الشيء الوآحد الثآبت هو ديمومة الله سبحآنه وتعآلى ..

وقديماً ضربوا لنا المثل عن العمر والدنيآ والليل والنهآر فقآلوا :

(( مثلك يابن آدم في هذه الدنيآ ، كمثلِ رجلٍ سقطَ في بئر ، لكنهُ أستطآع أن يتعلّق على بعض الصخور في وسط البئر ، فنظرَ الى

اسفلِ البئر ، فإذا هو على صخورٍ مسننة ، إن وقعَ عليهآ هلكــَ ، ونظر إلى الأعلى فإذا هو حبلٌ ممدود له يتعلّق فيهِ ليخرج من البئر ،

فلمآ تعلّق بالحبل وقآم يصعد إلى حآفّةِ البئر ، وجدَ عيناً تسيلُ عسلاً ، فنسيَ الحبل ونسيَ ما كآن في قآع البئر ، وقآم يلعق بهذا العسل ،

ثمَّ راى أن هنآكـَ جرذآن أبيض وأسود ، يقرضآن هذا الحبل ، وهو مع ذلكــ مستمرٌ في اللعق في العسل ، والجرذآن الأبيض والاسود

ما زآلا يأكلآن في الحبل )) ..

هذآ معنآهُ :

البئر : الدنيا ..

الصخور المسننة : مصير الإنسآن " الموت - النآر " ..

الحبل الممدود : عمر الإنسآن " كآن عليه أن يتعلق بهذآ الحبل لينجو من هذا البئر " ، ولكنه حينما مضى وجد ذلكــَ العسل ..

العسل : زخآرف الحيآة الدنيا وملذآتهآ ..

الجرذآن الابيض والأسود : الأبيض - النهآر ، الأسود - الليل ..

فيآمن تغآفلت عن هذآ الجبل أنجُ بنفسكـَ وانتبه وأستيقظ ..

وقديماً قآلوا (( الليل والنّهآر يعملآن فيكـَ ، فاعمل فيهمآ )) ..

فيجب علينآ أحبتي في الله أن نوطن أنفسنا وأن ننظرَ في العآم الجديد ، اما لكــَ من امآني ،

انا شخصياً عندي أمآني كثيرة اتمنآهآ في العآم المقبل :

أتمنى من الله تعآلى ان يأتي العآم الجديد وقد كفَّ الله شرَّ الاشرآر ودحر الصليبين عن عرآقنا الحبيب ..

أتمنى من الله تعآلى ان يأتي العآم الجديد وقد عآدت القدس وفلسطين الى حضيرة الإسلآم والمسلمين ..

أتمنى من الله تعآلى ان يأتي العآم الجديد وارى المسلمين في كل مكآنٍ قد أصبحوا عبآد الله إخوآناً ..

أتمنى من الله تعآلى ان يأتي العآم الجديد وأرى المسآجد عآمرة بالمسلمين ..

أتمنى من الله تعآلى ان يأتي العآم الجديد والإحتلال قد أندحر وتولى من عراقنا وفلسطيننا وافغانستننا وبلاد المعمورة ..

أتمنى من الله تعآلى ان يأتي العآم الجديد وأمّة الإسلآم عزيزة مهيبة الجآنب ..

أنت أخي الفآضل \ أختي الفآضلة : اما لكـ من أمنية في العآم الجديد ، على الأقل نجتمع كلنا تحتَ أمنية وآحدة نتمنآها في العآم الجديد ..

هو أن نحقق فعلاً معنى العبودية لله عزو جل ، وان نكون كمآ أرآد الله سبحآنه وتعآلــــــى ..

أحبتي في الله : إنّ من رحمةِ الله تعآلى بنآ ان جعلَ لنا بآب التوبة مفتوح ، وجعلَ لنآ منآسبآ ت عديدة نُجدد فيهآ العهد والتوبةَ والعزمَ مع

الله سبـــحآنه وتعآلــــــــــــــــــــى ..

ومنهآ هذه الأيآم ، سآعآتُ معدودة ويمضي العآم وياتي علينا عآمٌ جديد ، منآسبةٌ عظيمة لان نستغلَ رحمة الله تعآلى بنآ ، فالمقصر والمخطئ

يعلنهآ توبةً صىدقةً لله عزوجل في هذآ العآم الجديد ..

أحبتي في الله : - لا تأمنوا من الموت لا في ليلٍ ولا في نهآر ، وأعلموا ان الأيآم حينما تنقضي إنما تنقضي من سنين عمركــَ ،

وإنكـَ تقتربُ قليلاً فقليلاً الى الأجل المحتوم ، إلى فرآش الموت ..

قطعتَ شهورَ العآم سهواً وغـفلةً ***** ولم تُـــحرّم في مآ اتيــــت المُحـــرمآ ..

فَـــلا رجبَ وفـــيـــتَ فيهِ بـــحقـهِ ***** ولا في شهرِ الصومِ صمتَ صوماَ مُحتمآ ..

ولا في ليــآلي عشرِ ذي الحج الذي ***** قضى كنتَ قوّآمــــاً ولا مُـــحرمــــآ ..

فهل لكــَ أن تَــمحــو الذنــوبَ بعبــرةٍ ***** وتبـــكِي عــليــهـآ حَــسرةً وتـندُمــــآ ..

وتَستًــقبلُ العـــآم الجَديــدَ بتــــوبـــَةٍ ***** لــعَلّــكــَ تَمحـــو بِــهآ كلَّ مَــآ تَــقَدَمـــآ ..

تعآلوا بنآ جميعاً مع العآم الجديد نعلنهآ توبةً مع الله سبحآنهُ وتعآلى ، ونُجدد العقد والصلح معه سبحآنهُ وتعآلى ..

ففي هذآ الفوز وفي غيرهِ الخسرآن ..

والحمد لله ربِّ العآلميـــن .

لا تنسونآ من دعوةٍ صآلحــــــة ..