أفـــة الكذب...
الكذب خُلَّة ذميمة، لا يلجأ إليه ويتحرَّاه إلا من ضعف دينه، وقلّ عقله، وتلاشت ثقته بنفسه؛ وما ذاك إلا لأن الكاذب لا يكذب إلا لينال من خلاله مطمعًا، أو ليدفع عنه مزعجًا، أو ليستر به نقصًا، ويواري به ضعفاً، ولو كمُل إيمانه، وعظمت ثقته بنفسه، وتم َّله عقله لأيقن أن الله قد كتب كل شيء وقدَّرَه، فلن يستجلب العبد بالكذب ما لم يُقدَّر له، ولن يدفع عن نفسه بالكذب ما قُدِّر عليه، ولن ينال به حمدًا، ولن يدفع به ذمًّا؛ بل هو طريقٌ يستجلِبُ به العبدُ سخطَ الله ومقته عليه.
هناك العديد من الأسباب التي تدفع الناس إلى الكذب منها
- الخوف من العواقب
- الحفاظ على المكانة الإجتماعية وحب الظهور
- العداء للآخرين فيتهمونهم أو يصفوهم بصفات كاذبة
- الاعتياد على الكذب والتربية عليه
- محاولة اخفاء الحقيقه
- عدم معرفة الحقيقه والرغبه باصدار رأى شخصى بدون علم
- عاده تعودها الكاذب حتى أصبح كذابا(لان الكذب صفه مكتسبه )
أعظم أنواع الكذب
يعتبر أعظم أنواع الكذب في الإسلام هو الكذب على الله وعلى رسوله، ويكون الكذب على الله بتحليل حرام وتحريم حلال،يقول الله سبحانه وتعالى (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) [ سورة الزمر ] ويقول النبي محمد (ومن كذب على متعمدآ فليتبوء مقعده من النار)
إن البعض يكذب ليضحك به القوم فيألف ذلك لما يرى من ضحك الناس ويستمر على عمله فيهون عليه وقد جاء في الحديث ( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) وهومايسمى بالنكت )
وهناك من يكذب على الصبيان كثيرا لانهم لا يوجهون اليه النقد ولكنه في الحقيقة أوقع نفسه في الكذب وفتح لهم باب التهاون به والتربي عليه وعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه أن أمه دعته فقالت له تعال أعطك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أردت أن تعطيه قالت تمرا فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم ( أما إنك لو لم تعطه شيئا لكتبت عليك كذبة )
بعض الأحاديث التي تحث على ترك الكذب
وفي الحديث إشارة إلى أن من تحرى الصدق في أقواله صار له سجية ومن تعمد الكذب وتحراه صار له سجية ، وأنه بالتدرب والاكتساب تستمر صفات الخير والشر .
والحديث دليل على عظمة شأن الصدق وأنه ينتهي بصاحبه إلى الجنة ، ودليل على عظمة قبح الكذب وأنه ينتهي بصاحبه إلى النار ، وذلك من غير ما لصاحبهما في الدنيا ؛ فإن الصادق مقبول الحديث عند الناس ، مقبول الشهادة عند الحكام محبوب مرغوب في أحاديثه والكاذب بخلاف هذا كله
كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عقوبة الكذب الواسع الانتشار، فقال - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الخبر الطويل العظيم: ((فانطلقنا فأتينا على رجلٍ مُستلقٍ لقفاه، وإذا آخر قائمٌ عليه بكلُّوبٍ من حديد، وإذا هو يأتي أحدَ شِقَّي وجهه فيُشرشِرُ شِدقَه إلى قفاه، ومِنخَرَه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه - قال: وربما قال أبو رجاء: فيشق - قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى، قال: قلت: سبحان الله! ما هذان؟. إلى أن قال: ((وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق)).
عن أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا )
و أخيراً ... فإن الكاذب سريع النسيان و قد يفضح نفسه بنفسه من كثرة أكاذيبه و مواقف الكذب التي عاشها و تناقضها أحياناً مما يدعو إلى الإرتباك …
اللهم اجعلنا من الصادقين في الدنيا والآخرة ومن الذين يسلمون وجوههم لله تعالى :
(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) لقمان: 22