لنتأمل هذا الاكتشاف الرائع في عالم النمل وكيف أشار القرآن إلى هذه الحقيقة العلمية بما يشهد على إعجاز هذا الكتاب....
بعد دراسات طويلة أجريت على عالم النمل تبيّن للعلماء أن التضحية والإيثار موجود بكثرة في مجتمع النمل، ولكن الغريب أن النمل يضحي بنفسه ويموت من أجل حماية الآخرين!
ففي دراسة هي الأولى من نوعها وجد العلماء أن النملة المريضة تذهب بعيداً عن عش النمل، وتموت وحيدة، وقد فسر العلماء هذا التصرف بأن النملة تقوم بعمل بطولي حيث تقرر الابتعاد عن النملات خوفاً من انتشار المرض وهلاك المستعمرة بأكملها!
فلدى النملة ذكاء فطري، فهي بمجرد اشتداد المرض تضحي بنفسها وتسرع مبتعدة عن رفيقاتها وبالتالي تساهم في نجاة المجتمع من خلال تضحيتها وإيثارها. لأن بعض أمراض النمل معدية وتنتشر بسرعة مثل أمراض البشر!
هذا هو الدكتور Dr Michel Chapuisat من جامعة لوزان University of Lausanne يقول:
The workers left the nest voluntarily and were not carried away
النملات العاملات يتركون العش طواعية ولا ينتظرون حتى يتم حملهم!
في السنة الماضية (2009) اكتشف الباحثون أن النمل يضحي بنفسه في حالة الكوارث والفيضانات، فيمد جسراً من أجسامهم لتعبر عليه بقية المستعمرة، وقد يموت منها المئات تحت "أقدام النمل" وعلى الرغم من ذلك تبقى صامدة مضحية بنفسها من أجل الآخرين!
يؤكد العلماء أن النملة المصابة لا تنتظر حتى يتفاقم المرض ويحملها الآخرون، إنما تذهب برجليها إلى خارج المستعمرة وتتسلق الشجر لتموت وحيدة! إنها تضرب لنا نحن البشر أروع الأمثلة في التضحية والإيثار والتعاون والمحبة!
أيها الأحبة، إنني لا أملك إلا أن أقول: سبحان الله!! إن هذه الحشرات التي نظنها لا تعقل، قد نجد لديها عقلاً أكثر من بعض الناس! يقول تعالى: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) [الفرقان: 44].
إن العلماء يؤكدون في أبحاثهم هذه على السلوك الاجتماعي لدى الحشرات، ويشبهونها بالبشر، ويرددون دائماً بأنها المرة الأولى التي يكتشفون فيها هذه الخصائص الاجتماعية لدى الحشرات أو الحيوانات بل حتى الطيور، لذلك نجد العلماء يعبرون بالحرف الواحد:
The discovery, published in Current Biology, is the first time that such behaviour has been shown in ants or any other social insect.
أي أن مثل هذا السلوك الاجتماعي تم اكتشافه للمرة الأولى (وذلك عام 2010) ، ولا نعجب إذا علمنا أن القرآن أشار بوضوح كامل إلى هذه الحقيقة العلمية الجديدة، يقول تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعام: 38]، ألا تستحق هذه الآية أن نتفكر فيها ونزداد إيماناً بهذا الخالق العظيم؟!
إن هذه الحشرات تقدم لنا نموذجاً ينبغي احترامه والتعلم منه والاقتداء به، فالتضحية والتعاون والإيثار ومحبة الآخرين كلها تعاليم جاء بها الإسلام وأمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن للأسف نجد كثيراً من الناس ابتعدوا عنها، ولكن النمل يمارس هذه العادات الحسنة منذ ملايين السنين!
لذلك لن نقول للملحدين عودوا إلى مبادئ الإسلام، بل نقول لهم: تعلموا من النمل أصول المحبة والتعاون والبر والتضحية ... فإذا اقتنعتم بذلك، فاستمعوا معي إلى هذا النداء الإلهي الرائع: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 8-10] ... بالله عليكم هل يمكن أن يصدر مثل هذا الكلام المليء بالرحمة والمحبة والعدل من إنسان يتهمونه بالإرهاب والتخلف والعنف؟؟ إن هذه الآيات وهذه المعجزات لهي خير شاهد في هذا العصر على صدق رسالة هذا النبي الكريم، وصدق رسالة الإسلام.