نبض قلبي لكل داعية إلى ربي إلى كل داعية إلى ربي، إلى حملة راية الدعوة، إلى من رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، إلى من أحبوا الإسلام فعملوا له بصدق وإخلاص أقدم لكم هذه النصائح وقد جمعت فيها عصارة قلبي، ولبابة عقلي لأهديها لكم وما دعاني إلى كتابة هذه الكلمات إلا حبي لكم وإيماني بدوركم في نصرة الإسلام وعز المسلمين.
النصيحة الأولى:
- الإخلاص والإتباع الإخلاص الإخلاص، فإن هذا العمل يحتاج للإخلاص حتى يؤتي ثماره ويحقق أهدافه، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان صوابا وخالصا لوجهه، فعملنا هذا إن خالطه رياء أو عجب أو غير ذلك من الأمراض فإنه يحبطه ويذهب ببركته، واعلموا أن ما تقوموا به عملا عظيما ثقيلا في ميزان حسناتكم، ولكن إذا خالطه شرك من رياء وعجب وغيره، فسوف يكون ثقيلا أيضا في ميزان سيئاتكم، فأجمعوا الإخلاص فإن الله هو من يوفقكم إلى هذا العمل، وهو الذي قدره لكم ولو وكلكم إلى أنفسكم لضعتم وعصيتم وضللتم، وتذكر هل ستكون مسرورا بالرياء والعجب في القبر وعند لقاء الله، إننا لا ندعو إلى الله من أجل شخص معين أو جهة معينة بل كل ما نفعله لله ورسوله، فليكن هذا نصب أعينكم، وينبغي على الداعية أ ن يجرد المتابعة لله ولرسوله، ويعيش على مراد الله منه وليس على مراده من نفسه، فيدعو إلى ما يريده الله ويرتضيه ولا يدعو إلى ما تشتهي نفسه ويمليه هواه عليه، بل يكون قائده الكتاب والسنة، فالنصوص هي التي تحكمه وليس العكس.
النصيحة الثانية:
- النية الصالحة إنّ استحضار النية شيء عظيم به يعظم الأجر وتتضاعف الحسنات، فعددوا النية، اعملوا لنصرة دين الله ولرضا الله، وحتى يفخر بكم رسولكم، اجعلوا شعاركم (أينقص الدين ونحن أحياء؟) تذكروا قول رسولكم «لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» [رواه البخاري]. اخرجوا العباد، من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، من الظلمات إلى النور، نريد القلوب التي تحترق من أجل الإسلام، التي تعيش للإسلام وبالإسلام، التي تعمل من أجله، التي تسمو بالإسلام والدعوة فوق حظوظ النفس وشهواتها، ليست همها شهرة أو مجد، ليست همها حظ نفسها، إنما حظها وهمها أن تعيش للإسلام وبالإسلام.
النصيحة الثالثة :
- لا تهنوا ولا تضعفوا ولا تستكينوا لما أصابكم في سبيل الله لا تفتروا حتى يظهر الله دينكم، يجب أن تحترق قلوبكم وتدمي عيونكم وتتفتت أكبادكم لحالة الأمة، فلا راحة إلا بعد أن تقر أعيننا بنصرة الإسلام وأهله.
النصيحة الرابعة:
- اعلموا أنّ الله لا يمكن في الأرض إلا لعباده المؤمنيناعلموا أن الله لا يمكن في الأرض إلا لعباده المؤمنين، ولا يستخلف إلا الأبرار المتقين، فلنكن منهم ولنقوم بدعوة الناس حتى يكونوا منهم فنستحق النصرة والتمكين والعزة..
النصيحة الخامسة:
- {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56] فاعلموا أنكم لا تهدوا أحدا، إنما أنتم أسباب والله المسبب، أنتم فقط تفعلون ما في وسعكم، والله يهدي ، فلا تطلبوا هداية الناس بالتفريط في شيء من دينكم ولا تداهنوهم على حساب إسلامكم، واعلموا أنكم عليكم العمل، وليس عليكم أن تسألوا متى سوف نجنى الثمر؟ بل الله هو من يرعى زرعكم وينميه لكم وربما تحصدوه أو يحصده أبناؤكم.
النصيحة السادسة:
- القدوة القدوةإن القدوة لها أهمية كبيرة في الدعوة، فرب عمل كان تأثيره أقوى من مئة قول، وكم من أقوال ضرب بها الناس عرض الحائط لما تفتقده من مصداقية على أرض الواقع {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف 2-3]. فإن كان الداعية قدوة مع أبيه وأمة في البر، قدوة مع زوجه وأبنائه في حسن العشرة، قدوة مع أقاربه وأصحابه في المعاملة، يرون فيه خلق الإسلام والالتزام الفعلي بسيرة خير الأنام، لوثقوا في كلامه واستجابوا لدعوته، أما إذا وجدوا الإسلام وشرائعه عنده مجرد كلام دون عمل، فلن تكون هناك أذن صاغية أو قلوب واعية، وسيكون الداعية صورة سيئة للإسلام والالتزام ينفر الناس عن الإيمان والإذعان.
النصيحة السابعة:
- {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125]أين الكلمة الطيبة؟ أين البسمة الحانية؟ أين القلب الكبير؟ أين الحكمة والرأي السديد؟ أين الرفق واللين؟ ليكن هذا الشخص لك أخا أو ابنا أو أبا، اجعله يشعر بحبك له وإشفاقك عليه، وأنك لا تريد أن تتكبر عليه ، بل أنت محب ناصح حريص مشفق، فأنت لن تكسب عقله قبل أن تكسب قلبه، فاجعل هذا هدفك «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى» [صحيح مسلم]... فهل شعر هو بذلك ؟
النصيحة الثامنة:
- إيّاك أن تحتقر عاصيا أو تعير فاسقاإيّاك أن تحقر عاصيا أو تعير فاسقا وتنظر إلى نفسك بعين الرضا، فيبتليك الله ويعافيه وتذكر دائما {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء:94]، هذه الطاعة منة من الله عليك عافاك من المعصية وعصمك وابتلى غيرك فاشكر نعمة الله بالإخلاص في الدعوة، فبقدر إخلاصك يكتب الله القبول لدعوتك، فإن كنت حقا تريد نصرة الإسلام وتهتم بأمر الدعوة فأخلص عملك لله، فانظر إلى العاصي بعين الحب والشفقة وخذ بيده إلى الله، فلعل الله يهديه وينصر به الإسلام، فتفوز أنت وتربح ويكون في ميزان حسناتك.
النصيحة التاسعة:
- لا تجبر أحدا على الإيماناعلم أنّ ما عليك هو إقامة الحجة لله، ليهلك من هلك على بينه وينجو من ينجو على بينة، فافعل قصارى جهدك لدعوته، ولكن ليس عليك إرغام أحد من الناس أن يكون من المؤمنين {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ،لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية:21-22]، هذا للرسول فما بالكم بنا؟
النصيحة العاشرة:
- العلم بما تدعو إليهالعلم بما تدعو إليه فلا يكفي حب الدعوة مع نقص العلم، فإياك أن تقحم نفسك في قضية إلا وأنت على علم كاف بها، وإلا كانت حجتك ضعيفة، فتضعف الحق وتخذله.
النصيحة الحادية عشر:
- إيّاك والتصدر قبل التأهللا تتصدر إلى الدعوة إلا بعد التسلح بالعلم فعدم التسلح بالعلم له مضار كثيرة إعجابك بنفسك فتنخدع بها، وتظن أنك عالم فتترك طلب العلم ويعتريك الجهل، وليس هذا إلا سراب، كما أن ذلك يعرضك لأسئلة الناس ويستفتونك فيظهر عجزك أو تفتى بلا علم و تقول على الله كذبا.
النصيحة الثانية عشر:
- مراعاة المخاطب يجب أن تتحلى بالحكمة في الدعوة فالنفوس تختلف، والعقول تتفاوت، والأذواق تتعدد، فبعض الأشخاص لا يؤثر فيهم إلا الخطاب العقلي المقنع، وبعضهم قلوبهم رقيقة تسمع وتتعظ وعقولهم محدودة، ومنهم من يحتاج الاثنين معا، .كما أن الأذواق تختلف، فمن الناس من يحب الأسلوب القصصي، ومنهم من يحب الشعر، ومنهم من يفضل الكلمات الشديدة الغليظة ويميلون إلى الترهيب والمصارحة، و الأغلب يحب الكلمات الرقيقة والترغيب والمداراة، كما يجب عليك مراعاة ثقافة من تقوم بدعوتهم ومدى علمهم، وما يعقلوه وما لا يعقلوه، حتى لا تحمل أحد فوق طاقته، أو تبخس أحد حقه وقدرته، .فانظر إلى من تقوم بدعوتهم ماذا يفضلون ؟ فإن لم تعرف فعليك بالتنويع.
النصيحة الثالثة عشر:
- التدرج والتسلسل عليك بالتدرج، الأهم فالمهم، و تذكر قول النبي «فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله أن محمدا رسول الله» [صححه ابن تيمية في جامع الرسائل15/1)].
فمثلا إذا وجدت شخصا يترك الصلاة ويسمع الأغاني، فابدأ في دعوته إلى الصلاة فهي أولى، ثم بعد ذلك حرمة الغناء، وإياك أن تصارحه بما فيه دفعة واحدة، فيصيبه اليأس والخجل ويسعى إلى الرفض والعناد والمهاجمة، بل دائما اجعله يشعر أن فيه خيرا كثيرا، ولكن هناك القليل يجب أن يكمله، وتدرج معه خطوة خطوة فلعل الله أن يصلحه على يديك، وتذكر دائما «تهادوا تحابوا» [حسنه الألباني صحيح الجامع 3004].
النصيحة الرابعة عشر:
- التوسط الزم التوسط فلا تكن ذو غلظة وقسوة ولا كثير المزاح تلتفت لسفاسف الأمور، ليست كل الأمور جد فينفر منك الناس، وليست كلها مزاح فتسقط هيبتك ولا تسمع كلمتك، بل الحزم مع يسير المزاح، ولا تنقبض عن الناس فيحسبونك متكبرا، ولا تنبسط إليهم فلا يقيمون لك وزنا..
النصيحة الخامسة عشر:
- رحم الله امرئ عرف قدر نفسهلا تحمل نفسك فوق طاقتها، فتصعب عليك الأمور، ويصيبك الإحباط ثم الانقطاع، واعلم أن قليلا دائما خير من كثير منقطع «ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» [رواه البخاري].